برز في السنوات الأخيرة العديد من القضايا القانونية والعشائرية في المجتمع الفلسطيني يعود سببها الى كفالة قروض اشخاص اخرين ترتب عن هذه القضايا اثاراً سلبية على النسيجين الاجتماعي والاقتصادي للمجتمع المحلي وعلى مستوى العائلة الواحدة او حتى على العلاقات الشخصية بين الأقارب والأصدقاء. وبشكل عام يعود سبب هذه القضايا الى الجهل التام من قبل الكفيل بالمخاطر القانونية التي تترتب عليه عند ابرامه عقد الكفالة، حتى ان ظاهرة كفالة القروض اخذت طابع المجاملات الاجتماعية في العديد من الحالات وخاصة بين موظفي القطاعين العام والخاص. وفيما يلي ادناه شرح توضيحي لتعريف الكفالة واثارها القانونية على الكفيل ومخاطر التعامل معها.
هي "عقد بمقتضاه يكفل شخص تنفيذ التزام بأن يتعهد للدائن (البنك) الايفاء بالالتزام إذا لم يفي به المدين نفسه (المقترض)." وبتعريف اخر هي "تعهد شخص الكفيل واستعداده التام لسداد قيمة القرض في حال لم يقم المقترض الاصيل بسداد القسط / الأقساط في موعدها المحدد للجهة المقرضة".
يتضح من تعريف الكفالة بأنها التزام قانوني يترتب عنه التزامات مادية في حالة تأخر المقترض بسداد الأقساط في مواعيدها المحددة، وفي حال ان يكون الكفيل راتبة الشهري يمثل كفالة المقترض فان البنك المانح للقرض لا يستأذن الكفيل بالخصم من راتبة عندما يتأخر المقترض بالسداد، وهنا يصبح الكفيل كأنه المقترض الأصيل للقرض ويحل محل المقترض في تسديد الأقساط، وهذا الاجراء قانوني لا يجوز للكفيل حق الاعتراض عليه، حيث يعتبر عقد الكفالة عقد تابع لعقد اصلي وهو عقد القرض ولا يشترط في كفالة القروض توقيع المقترض على عقد الكفالة.
اما في حالة وجود أكثر من كفيل على القرض الواحد فانه يجوز للبنك العودة على أي من الكفلاء المليئين لتحصيل حقوقه المادية، الا في حالة وجود نص قانوني في عقد الكفالة ينظم عملية التحصيل بين الكفلاء او في حالة وجود تشريعات او تعليمات قانونية صادرة من جهة رسمية على سبيل المثال البنوك المركزية او السلطات النقدية تنظم عملية تحصيل الحقوق المادية من الكفلاء لعقد القرض الواحد عند تعثر المقترض الاصيل.
ولا يقتصر الامر عند هذا الحد، بل تمتد مسؤولية الكفالة الى حالة وفاة الكفيل فانه يجوز للبنك العودة على الورثة بما اَل إليهم من حصص إرثيه ومطالبتهم بسداد مديونية المقترض القائمة، وفي حال لم يؤول للورثة حصص إرثيه من الكفيل فانه لا يجوز للبنك مطالبتهم بسداد رصيد القرض القائم من مواردهم الشخصية الخاصة بهم.
فترة الكفالة مرتبطة قانوناً بفترة عقد القرض الأصلي، وتبقى الكفالة قائمة لحين سداد القرض بشكل كامل، وبهذه الحالة ينتهي الالتزام القانوني للكفيل امام البنك، وفي حال رغب الكفيل التخلص من عقد الكفالة فانه يجوز وبموافقة أطراف عقد القرض (البنك، المقترض) ان يحل كفيل جديد محل الكفيل الحالي.
لا يترتب على الكفيل اية التزامات او مسؤولية قانونية في حال تم التعديل على عقد القرض الأصلي خلال فترة الاقتراض وقبل سداد المديونية، حيث يتطلب أي تعديل على عقد القرض الأصلي موافقة الكفيل الخطية على التعديلات التي يترتب عنها التزامات مادية على الكفيل، مثل حالات إعادة الهيكلة والجدولة او تمديد الأقساط لفترات أطول او زيادة سقف القرض او زيادة في قيمة الأقساط الشهرية. وللتوضيح تنحصر التزامات الكفيل القانونية والمادية بما وقع عليه الكفيل في عقد الكفالة، الامر الذي يستوجب عليه مراجعة شروط واحكام عقدي القرض والكفالة بعناية فائقة تفادياً لوقوع ضرر والتزام مستقبلي لم يؤخذ بعين الاعتبار عند التوقيع.
هناك مجموعة من المخاطر يتعرض لها الكفيل في حال توقيعه على عقد الكفالة اوجزها بالنقاط التالية:
- انقطاع مصدر الدخل للمقترض: عند توقف أو انقطاع مصدر الدخل للمقترض وعجزه عن الالتزام بسداد قيمة الأقساط المستحقة بسبب استقالته أو فصله من العمل، سيترتب على المقترض مجموعة من الأقساط المستحقة مما يضطر البنك إلى خصم قيمة الأقساط المستحقة المترتبة على المقترض من حساب الكفيل.
- وفاة المقترض: في حال وفاة المقترض وممانعة الورثة الالتزام بشروط عقد القرض، فان الجهة المقرضة لها الحق في مطالبة الكفيل او الكفلاء بسداد رصيد القرض القائم غير المسدد، وفي حال توفر بوليصة تأمين على حياة المقترض فانه لا يجوز للبنك مطالبة ورثة المقترض او الكفيل / الكفلاء حيث يتم تغطية رصيد الدين القائم من قبل شركة التأمين المؤمنة على حياة المقترض الاصيل.
- الكفالة أداة من أدوات النصب والاحتيال: يتعمد بعض الأشخاص السيئين الى التخطيط والتنفيذ لعملية نصب واحتيال باستخدام الكفلاء، حيث يقوم بإقناع زملائه او اقاربه بكفالة قرضه وبعد الحصول على القرض يتعمد عدم الالتزام بسداد الأقساط وبالتالي يصبح راتب او دخل الكفيل مصدر سداد القرض كبديل عن المقترض النصاب او المحتال.
- مواجهة الكفيل صعوبات في الاقتراض: كون ان الكفالة تعتبر التزام مادي غير مباشر ويترتب عنها التزامات مادية مباشرة عند عجز المقترض الالتزام بشروط عقد القرض، فإنها تؤخذ بعين الاعتبار وتحتسب من ضمن المؤشرات المالية للتحليل الائتماني التي تعتمدها البنوك ومؤسسات الإقراض عند تقدم الكفيل بطلب الحصول على قرض لتمويل مشروعه او لغايات شخصية، وفي هذه الحالات تقل فرص الكفيل في الحصول على تسهيلات شخصية له او حتى تكاد تنعدم فرصه بإمكانية الاقتراض إذا كان كفيلاً لأكثر من قرض.
- الأثر على التصنيف الائتماني: تؤثر كفالة قروض اشخاص اخرين سلباً على التصنيف الائتماني للكفيل ويكون الأثر كبيراً في حال كفالة أكثر من قرض، حيث ان كفالات القروض تؤخذ بالحسبان عند احتساب درجة التصنيف الائتماني للكفيل في حالة مباشرته بالاقتراض وترفع من درجة مخاطرة الائتمانية، وكذلك الحال عند تعثر المقترض بسداد أقساط القرض الامر الذي ينتج عنه صعوبة في إمكانية حصول الكفيل على قروض جديدة او زيادة سقوف القروض القائمة.
- كفالة القروض قد يترتب عنها التزام مادي مستقبلي غير محسوب.
- لا تكفلي اشخاص اخرين غير معروفين بنزاهتهم وامانتهم او ليسوا من أصحاب الثقة.
- تحققي من ان المقترض المراد كفالته مليء وقادر مادياً على سداد التزاماته الشهرية.
- فكري ملياً وبتروي قبل اتخاذ القرار بتقديم الكفالة لأي شخص كان.
- لا تترددي في استشارة ذوي الخبرة والاختصاص من الماليين والمصرفيين قبل مباشرة تقديم الكفالة لأي شخص.
- في حال كنت مقترضة و/او كفيلة لقرض لا تفكري نهائياً بمباشرة تقديم كفالات أخرى لقروض جديدة.
- اقرأي عقد الكفالة بشكل دقيق ولا توقعي على بياض او ترك خانات فارغة في عقد الكفالة.
- احتفظي بنسخة من عقد الكفالة على ان تكون مصدقة من قبل البنك مانح القرض.
- يجوز للكفيل الاطلاع على بيانات القرض وحجم التسديدات والرصيد المتبقي بعد التنسيق وموافقة المقترض الأصيل على ذلك.