منذ عام 2016 بادرت الهيئتين المشرفتين على رقابة وتنظيم القطاع المالي والمصرفي (سلطة النقد وهيئة سوق راس المال الفلسطينية) بالعمل بشكل مشترك وبمساعدة خبراء دوليين على اعداد استراتيجية وطنية للشمول المالي في فلسطين، وجاءت هذه المبادرة نتيجة عدة أسباب أهمها تدني مستويات الثقافة المالية بين المواطنين من كلا الجنسين وكذلك تدني مستويات الطلب على استخدام المنتجات والخدمات المالية والمصرفية التي تؤدي الى تحسين الظروف المعيشية للمواطنين، رافق ذلك توفر طلب ملحوظ على الخدمات المالية من القطاع غير الرسمي (غير المنظم والمراقب عليه من الهيئات الرقابية الرسمية) مما عرض العديد من المواطنين الى مخاطر عالية تمثلت في عمليات النصب والاحتيال بل اكثر من ذلك الى العنف الجسدي الامر الذي نتج عنه اثار سلبية على النسيجين الاجتماعي والاقتصادي في المجتمع المحلي.
وبنهاية عام 2018 تم اعتماد الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي من قبل مجلس الوزراء بوشر بعدها العمل على انجاز خطتها التنفيذية من قبل كافة الأطراف ذات العلاقة، وقد بينت الدراسة الميدانية التي أجريت لقياس مستوى الشمول المالي في فلسطين ان ما نسبته %36.4 من المواطنين البالغين (فوق سن الـ 18) يستخدمون الخدمات المالية والمصرفية بمعنى ان هناك ما نسبته %63.6 من المواطنين البالغين مستبعدين من النظام المالي والمصرفي ولا يستخدموا هذه الخدمات وتعتبر هذه النسبة عالية المخاطر تؤثر سلباً على الاستقرار المالي والنمو الاقتصادي في فلسطين.

تعريف الشمول المالي

عرفت الاستراتيجية الوطنية الشمول المالي بأنه:تعزيز وصول واستخدام كافة فئات المجتمع للخدمات والمنتجات المالية من القنوات الرسمية، التي تتناسب مع احتياجاتها بالتكلفة والوقت المعقولين، وحماية حقوقها وتعزيز معرفتها المالية بما يمكنها من اتخاذ القرار المالي المناسب". نلاحظ من التعريف ان الاستراتيجية ركزت على مجموعة من العناصر الهامة التي تعتبر ركائز أساسية في رفع مستويات الشمول المالي في فلسطين، وتمثلت هذه العناصر في أهمية وصول المواطنين الى الخدمات المالية الرسمية واستخدامها بما يلبي احتياجاتهم على ان تكون هذه الخدمات معروضة من مزودي الخدمات (بنوك، شركات تأمين، مؤسسات اقراض، شركات تأجير تمويلي، البورصة ....) بشروط وأسعار مقبولة، ولا تقتصر اركان الشمول المالي عند هذا الحد بل يجب ان يرافق الوصول الى المنتجات واستخدامها تأمين بيئة قانونية تؤمن الحماية للعملاء من التعرض للغبن والضرر، وكذلك إطلاق حملات توعية وتثقيف مالي للفئات المستهدفة في الاستراتيجية حتى يتمكنوا من التعرف على مخاطر استخدام الخدمات المالية لاتخاذ قراراتهم الائتمانية وفق أسس صحيحة.

الفئات المستهدفة باستراتيجية الشمول المالي

يعتبر الهدف الأسمى للاستراتيجية هو تحسين الظروف المعيشية للأسر الفقيرة وميسورة الحال وللفئات المهمشة والمستبعدة من استخدام المنتجات المالية، وبالتالي تم التحديد في الاستراتيجية الفئات المستهدفة وتمثلت في فئة المهمشين والمستبعدين وفئة الرياديين من النساء والشباب وطلبة الجامعات والمعاهد والكليات ومجتمع المرأة وكذلك قطاع المنشآت الصغيرة والمتوسطة ومتناهية الصغر الـ .MSME
 

الأهداف الاستراتيجية للشمول المالي

تباعاً لإعداد وثيقة الاستراتيجية الوطنية للشمول المالي تم اعداد خطة عملها التنفيذية لتحقيق اهداف الاستراتيجية، وتعتبر خطة العمل جزءاً لا يتجزأ من الاستراتيجية، وتكونت خطة العمل من أربعة اهداف استراتيجية كل هدف استراتيجي له مجموعة من الأنشطة والفعاليات لتحقيق الهدف، وتم ايضاً تحديد الجهة المسؤولة عن تنفيذ كل نشاط من الأنشطة، حيث تم تحديد الأهداف بناءً على نتائج الدراسة الميدانية التي تمت على عينة من المواطنين والتي بينت نقاط الضعف والقوة في مجالات مختلفة أهمها مستويات الوعي والثقافة المالية واستخدام المنتجات المالية من قبل المواطنين، وجاءت الأهداف لتذليل المعيقات والعقبات وتجاوزها لتعزيز مستويات الشمول المالي في فلسطين، وفيما يلي عرض للأهداف الرئيسية للاستراتيجية:

1. الهدف الأول: زيادة القدرات المالية لدى الشرائح المستهدفة من المجتمع.

2. الهدف الثاني: تعزيز الوصول الى الخدمات المالية الرسمية واستخدامها من قبل الشرائح المستهدفة والتي تعاني من نسب متدنية من الشمول المالي.

3. الهدف الثالث: تعزيز وحماية حقوق مستهلكي الخدمات والمنتجات المالية.

4. الهدف الرابع: الاستغلال الامثل لدور تكنولوجيا المعلومات والاتصالات في توسيع نطاق انتشار واستخدام الخدمات المالية الرسمية.

وبالرغم من انه تم تحديد الأطراف المسؤولة عن تنفيذ أنشطة الأهداف، الا ان سلطة النقد وهيئة سوق راس المال بادروا الى تشكيل لجان عمل مختلفة لإشراك كافة الأطراف ذوي العلاقة للمساهمة في تحقيق اهداف الاستراتيجية. ويعتبر الهدف الرابع للاستراتيجية من الأهداف الهامة الذي سيعمل على تطوير الصناعة المصرفية باتجاه نشر الخدمات المصرفية والمالية الالكترونية والرقمية وبما يتوافق مع التطورات الحاصلة عالمياً في هذا المجال.
وفيما يلي ادناه أحد منجزات لجان عمل الشمول المالي التي تولت مسؤولية تسهيل وتبسيط إجراءات فتح الحساب بإصدارها تعليمات حساب الشمول المالي لتمكين الفئات المستبعدة من النظام المالي الرسمي والمتمثلة بفئة الصناع والحرفيين والعاملين مع المنصات الالكترونية الإقليمية والدولية من فتح حسابات مصرفية خاصة بهم.

تعليمات فتح حساب الشمول المالي

 استناداً الى تعليمات سلطة النقد المنظمة لفتح حساب الشمول المالي فقد تم تعريف الحساب على انه  "الحساب الذي يتم من خلاله تقديم الخدمات المصرفية الأساسية التي تتناسب مع احتياجات ومتطلبات الافراد ذوي الدخل المحدود وبما يشمل العاملين مع المنصات الالكترونية الدولية".

 

الهدف من حساب الشمول المالي: تهدف تعليمات فتح حساب الشمول المالي الى "تمكين الافراد ذوي الدخل المحدود والمتوسط والعاملين مع المنصات الدولية الالكترونية من الوصول الى واستخدام المنتجات المصرفية التي تقدمها المصارف وذلك من خلال فتح حساب الشمول المالي". ولطالما ان هدف استراتيجية الشمول المالي هو استقطاب وتمكين المستبعدين مالياً لاستخدام المنتجات المالية من خلال النظام الرسمي، وبما ان متطلبات فتح الحساب الجاري تستند الى قانون مكافحة غسل الأموال وتمويل الإرهاب تعتبر عديدة ومعقدة نوعاً وان هناك العديد من فئات المجتمع لا يمكنها تلبية هذه المتطلبات بسبب طبيعة اعمالها ونشاطها المهني، فقد عملت سلطة النقد بالشراكة مع المصارف على تبسيط وتسهيل إجراءات فتح الحساب لفئة الرياديين والمهنيين والصناع والحرفيين والطلبة وربات البيوت والعاملين مع المنصات الالكترونية الدولية. حيث أصبح بموجب هذه التعليمات بإمكان الفئات المذكورة اعلاه من فتح حساب شمول مالي لدى أي مصرف حسب شروط ومميزات فتح الحساب والانتفاع من الخدمات المصرفية المنصوص عليها بالتعليمات والمبينة ادناه.

وهناك ميزة إضافية لفتح حساب الشمول المالي خاصة للمتعاملين الجدد من الرياديات مع المصارف، وتكمن هذه الميزة ببناء تاريخ مصرفي متمثل في العمليات المصرفية المنفذة من خلال الحساب، حيث ان بناء تاريخ مصرفي يساعد العميل او الريادية مستقبلاً على التعامل مع المصارف ومؤسسات الإقراض بكل سهولة بسبب الامكانية في التعرف على الريادية من خلال بياناتها المصرفية وتقدير حجم عملياتها وطبيعة نشاطها ومسلكياتها الائتمانية ومدى التزامها بسداد شيكاتها في مواعيدها، كل ذلك ينعكس ايجاباً على تصنيفها الائتماني بحيث تصبح قادرة على الاقتراض لتمويل مشاريعها بكل سهولة وبشروط اقتراض وأسعار معقولة ومقبولة لدى الطرفين.   

 

ميزات وخصائص حساب الشمول المالي

بناءً على التعليمات الصادرة بالخصوص والتي تنظم عمليات فتح حساب الشمول المالي فانه بإمكان الرياديات والفئات المستهدفة من فتح الحساب التمتع بصلاحية تنفيذ العمليات المصرفية الأساسية حصرياً وهي كالاتي:

  • الإيداع والسحب النقدي المباشر وايداع شيكات للتحصيل.
  • الإيداع والسحب النقدي من خلال الصراف الالي.
  • الخدمات المصرفية عبر الانترنت.
  • تسديد الفواتير الياً من الحساب.
  • اصدار واستقبال الأموال داخلياً وخارجياً (الحوالات الداخلية والخارجية).
  • اصدار بطاقة صراف الي.
  • اصدار بطاقة مسبقة الدفع.

 

وبهدف تشجيع الرياديات والفئات المستهدفة من فتح الحساب، فقد حددت التعليمات المنظمة لفتح الحساب مجموعة من الميزات التي اختص بها حساب الشمول المالي وهي كالاتي:

  • فتح الحساب معفي من الرسوم والعمولات.
  • عدم وجود او اشتراط حد أدني للرصيد لغايات فتح الحساب.
  • توفير الخدمات المصرفية الأساسية، بحيث تكون هذه الخدمات منافسة للخدمات التي يتم تزويدها من قبل أي جهة بديلة عن المصارف، مع ضرورة دراسة المخاطر المصاحبة لتقديم الخدمات المصرفية الالكترونية.
  • تحديد سقف لمجموع قيمة الحركات الدائنة (المقيدة في حساب العميل او الريادية) بما يشمل الايداعات النقدية والشيكات والحوالات الواردة في الحساب شهرياً بحد اقصى 2000 دولار امريكي او ما يعادلها من العملات الأخرى وبما لا يتجاوز 24000 ألف دولار سنوياً او ما يعادلها من العملات الأخرى.
  • في حال تجاوزت قيمة الحركات الدائنة في الحساب المبالغ المحددة في البند أعلاه، فان المصرف سينظر في منح موافقة ادارية لتجاوز السقوف.
  • يتم تحويل حساب الشمول المالي الى حساب جاري في الحالات التالية:
  1.   إذا تجاوزت قيمة الحركات الدائنة الشهرية الحد الأقصى 6 مرات خلال سنة واحدة.
  2.    إذا تجاوزت قيمة الحركات الدائنة الحد الأقصى السنوي مرتين.
  • اصدار بطاقة صراف الي دون استيفاء عمولة على اصدار البطاقة او استخدامها.
  • توفير خدمة الرسائل القصيرة والانترنت البنكي والموبايل البنكي بشكل مجاني.
  • قبول شهادات اثبات مهنة او اثبات دخل من مصادر موثوقة بما يتفق مع سياسات وإجراءات المصرف الداخلية ذات العلاقة بالمخاطر والامتثال والقوانين والتعليمات النافذة.

وتتمثل شهادات اثبات المهنة او الدخل، في العقود المبرمة مع ارباب العمل او قسائم الدخل الشهري او المراسلات التي تتم مع المتعاقد معهم خارجياً او داخلياً وحركة الحوالات الواردة عن انجاز مشاريع او شهادات اثبات مهنة او اثبات دخل من شركات المقاولات للعاملين في مجال المهن الحرة والصناع، حيث ان الرياديات والفئة المستهدفة في هذه التعليمات لا تمتاز بوظيفة دائمة ودخل شهري ثابت، وعليه تم مراعاة هذه الخصوصيات عند صياغة التعليمات.